الهيكل والعبادة في اوشليم

ويعطف كذلك محرر الأخبار عطفاً خاصاً على خدم العبادة وهم كلهم أعضاء سبط لاوي أكانوا الكهنة من سلالة هارون أو اللاويين من سائر عشائر السبط نفسه

ففي حين لا تذكر التوراة كلها اسم الكهنة سوى 27 مرة وردت هذه الكلمة 53 مرة في سفر عزرا ونحميا و76 مرة في سفر اخبار الأول والثاني فقد عمل بما ورد في

الاحبار 1 : 5

ويذبح العجل أمام الرب فيقرب بنو هارون الكهنة الدم ويرشونه على المذبح الذي عند باب خيمة الموعد من حوله

العدد 10 : 8

وبنو هارون الكهنة هم ينفخون في الأبواق فيكون ذلك لكم فريضة أبدية مدى أجيالكم

فروي ان الكهنة هم المكلفون بالنفخ في الأبواق وبسكب دم الذبائح ولكن اللاويين ليسوا بمجرد موظفين مرؤوسين فإنهم يحملون تابوت العهد وهم حجاب الهيكل وحراسه ويقومون بوظائف المرتلين والموسيقيين ويشاركون الكهنة في بعض الظروف في إعداد الذبائح لا في تقريبها ان الحفلات الدينية تعبر في الأخبار التي يرويها عن نبرات الفرح والتسبيح والشكر فحملت على الافتراض أن المؤرخ نفسه كان من اللاويين أو أنه اراد أن يعيد الاعتبار إلى وظائفهم التي أحياناً ما حط من قيمتها

اخبار الاول 15 : 24

وكان شبنيا ويوشافاط ونتنائيل وعماساي وزكريا وبنايا ألعازار الكهنة ينفخون في الأبواق قدام تابوت الله وكان عوبيد ادوم ولحيا بوابين للتابوت

اخبار الثاني 13 : 12

وهوذا الله معنا رفيسا لنا وكهنته وأبواق الهتاف للهتاف عليكم يا بني إسرائيل لا تحارلوا الرب إله آبائكم فإنكم لاتنجحون

اخبار الثاني 30 : 16

ووقفوا في مواقفهم بحسب ما رسم عليهم وفقا لشريعة موسى رجل الله وكان الكهنة يرشون الدم المأخوذ من أيدي اللاويين

اخبار الثاني 30 : 17

لأن كثيرين من الجماعة لم يكونوا قد تقدسوا فكان اللاويون مكلفين بذبح الفصح عن كل واحد غير طاهر ليقدسوه للرب

اخبار الثاني 29 : 34

وكان الكهنة أقل من أن يقدروا على سلخ المحرقات كلها فساعدهم إخوتهم اللاويون حتى تم العمل وحتى قدس الكهنة أنفسهم لأن اللاويين كانوا أكثر آستقامة قلب من الكهنة في تقديس أنفسهم

وهناك افتراض آخر قد أدلي به هو ان صاحب سفري الأخبار الأول والثاني أراد بعمله أن ينوه بما للهيكل والعبادة في أورشليم من شرعية فريدة للرد على المحاولات التي قام بها بعضهم لإنشاء معابد أهرى ولتبرير وجود حفلات طقسية أخرى في الماضي وفي زمن المؤرخ أيضاً

فاتسمت روايته بنظرة جدلية ولا سميا على السامريين أو الذين كانوا من مسببي الأنشقاق الذي لا نعرف تاريخه معرفة دقيقة

ويفسر لنا الافتراض لماذا لا يذكر المؤرخ أي شيء كان عن تاريخ مملكة اسرائيل بعد الأنشقاق الذي حدث في أعقاب موت سليمان

فالشرعية كانت مقصورة على مملكة يهوذا والسلالة الداودية وأما ملوك مملكة الشمال وعاصمتهم السامرة وحفلاتهم الطقسية وقد أفسدتها عبادة البعل فكانوا منشقين لا يمكنهم أن يدعوا تمثيل شعب الله الحقيقي

وهذه الأسباب نفسها تفسر لنا قيام نزاعات في زمن عزرا ونحميا مع سكان البلد الذين أرادوا أن يساهموا في أعادة بناء أورشليم والذين منعتهم من ذلك سلالة الذين جلوا الى بابل وهي المملثة الحقيقية لشعب الله كما ورد في سفر عزرا الفصل الرابع وسفر نحميا الفصل الثاني والرابع والسادس

من شأن مختلف مظاهر عمل المؤرخ هذه من الجهة اللاهوتية أن تؤدي إلى نظرة إجمالية يمكن أن يعبر عنها تعبيراً حسناً بكلمة حكم إلهي

ففي نظر الكاتب يشبه تاريخ شعب الله في الجماعة اليهودية التي يعيش فيها الصورة المثالية للمملكة ذات الحكم الالهي التي أقامها الله والتي جعل داود على رأسها

ان الله هو الملك الحقيقي الأوحد في الواقع وأن داود جالس على عرش الله ومن خلال ما للتاريخ الماضي من حقيقة أرضية يصف المؤرخ مملكة الله كما كانوا يتصورونها في أيامه كانت العبادة في هيكل أورشليم الأوحد وهي المدينة المقدسة تعبر عن أمانة الشعب وفرحه وتسبيحه لملكه ولا سيما عن يد الكهنة واللاويين

وكانت الطاعة لشريعة الله أول واجبات الشعب في حياته اليومية وكان يعبر عن الصلة الدائمة بين الله وشعبه بفهم للمكافاة بلغ أقصى حد على الأطلاق

فكان العدل الالهي يقتضي أن تنال كل أمانة ولا سيما أمانة الملوك الجالسين على عرش أورشليم بركتها وأن يؤدي أيضاً تقصير وكل عصيان ولا سيما في ما يتعلق بالهيكل والعبادة إلى العقاب الالهي ان مثل هذا التعليم المتشدد يظهر ظوال تاريخ الملوك خلفاء داود

وفي حين أن سفر الملوك الاول والثاني لا يذكران أي شيء كان عن الأسباب التي أدت إلى سعادة الشعب أو تعاسته يحاول سفرا الأخبار أن يأتيا بتبرير لاهوتي لذلك وفقاً لتفهمها لعدالة الله في المكافأة

فاذا تمتع منسى بحكم طويل بالرغم من أخطائه فذلك أنه ندم وأنه بعد أن تاب إلى الله طهر الهيكل من الاوثان سفر اخبار الثاني الفصل الثالث والثلاثون وبالعكس فاذا لقي يوشيا بالرغم بالرغم من أمانته الطويلة موتاً قبل الأوان فذلك أنه قاوم مشيئته الله عند مرور الجيوش المصرية الخارجة إلى القتال في أرض الأشوريين سفر اخبار الثاني الفصل الخامس والثلاثون وخلافاً للأداب الرؤيوي الذي يلقي على المستقبل صورة للحقيقة الأرضية للانباء بما ستكون مملكة الله فإن ما قام به مؤرخ الأخبار هو سمة الماضي بالكمال المثالي ليظهر ما يجب أن تكون عليه حياة الشعب في الحاضر

فعلى الملك ذي الحكم الالهي الذي يتسم به عهد داود ان يذكر اليهود دائماً وهم معاصرو الكاتب كيف أن يكون الاحتفال بشعائرهم الدينية والطاعة لشريعة الله والرجاء لمكافأة الله العادلة

وإذا لم يكن عمل مؤرخ الأخبار قائماً على رجاء مشيحي واضح فقد يكون سبب ذلك أن نظرته اللاهوتية متجهة بالأحرى إلى الماضي

فالآفاق المستقبلية لا تسترعي انتباهه على وجه خاص لأنه اذا ما تامل في التاريخ المنصرم أراد قبل كل شيء على ما يبدو ان يقدم للحاضر عبرة للامانة لله وشريعته وعبادته

اعداد الشماس سمير كاكوز

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سفر اخبار الايام الاول 3 : 1 - 24 بنو داود