التفكير اللاهوتي في سفر اخبار الاول والثاني

يمكننا تحليل مضمون سفر اخبار الأول والثاني أن نستخلص أهم المظاهر اللاهوتية لهذا العمل وأن ننوه بأهميتها وان لم يكن لنا أن ندعي معرفة الفكر اللاهوتي للمؤرخ على وجه تام

هناك أمر بديهي لأول وهلة وهو الأهمية والمكانة المركزية اللتان يتمتع بهما ملك داود

فكل ما سبق تاريخ يقتصر على مجموعة أنساب ترقى إلى آدم الفصول من 1 الى 9 ولا يتم الارتباط بداود إلا بفصل واحد وجيز الفصل أخبار الأول الفصل العاشر موضوعه موت شاول وقد نبذ الله ملكه ليحل محله ملك داود وخاتمة السفر الأول كلها مخصوصة بهذا الملك الفصول من 11 الى 29

ولكن ان قارنا بين هذه الروايات وما يوازيها في أسفار صموئيل والملوك فلا بد لنا أن نرى بعض الفوارق فكل ما يتعلق بطفولة داود وشبابه وسني حياته التائهة بسبب نزاعه مع شاول متروك جانباً وكذلك سنوات ملكه السبع والنصف على يهوذا في حبرون في حين ان سائر أسباط اسرائيل تعاني من ملك نضطرب اي ملك إشبوشت بن شاول

وإلى جانب ذلك فإننا لا نجد في سفري الأخبار الأول والثاني أي ذكر كان للاحداث العائلية المتعلقة ببلاط الملك وبتصرف الملك نفسه في قضية بتشابع امراة اوريا ونزاعات بنيه في أمر خلافته وتمرد ابشالوم وقصارى القول بكل ما يضفي على الفصول 9 الى 23 من سفر صموئيل الثاني طابع الحيوية والواقية الذي تتسم به الروايات عادة في حياة بلاط ملكي شرقي أجل يبقى وجه داود الملك وجهاً انسانياً جداً ولكنه موسوم بالكمال المثالي

فكل شيء يساهم في إظهاره ملكاً بحسب مشيئة الله ملكاً ليبقى على رأس سلالة لا نهاية لها ملكاً وقف حياته خاصة لتحويل أورشليم إلى عاصمة وإلى مدينة مقدسة ولإعداد بناء الهيكل وتنظيم العبادة التي تؤدي فيه بعد اليوم في أدق تفاصيلها لقد أقام المفسرون أحيانأ نوعاً من التماثل بين وجه موسى في تقليد التوراة الكهنوتي ووجه داود في سفري الأخبار الأول والثاني

فهناك في الواقع بعض الشبه بين هذين الرجلين اللذين يصوران في حقبتين مختلفتين بصورة رئيسين ومشترعين للشعب من قبل الله

ويظهر سليمان الملك في سياق الروايات في صورة موسومة بالكمال المثالي على مثال داود فلا يحفظ من أمور حياته أي امر ينال من سمعته لا إبادته العنيفة لخصومه في مطلع ملكه ولا أمسى عليه البلاط الملكي في أواخر ملكه من ترف وعبادة أوثان وحياة إباحية

سليمان هو الملك الذي بنة الهيكل وفقاً لتعلمات أبيه واعداداته الدقيقة وأما تدشين الهيكل فإنه يحاط بأبهة وجلال لا نجد نظيرها في سفر الملوك

فالهيكل والعبادة هما إذاً في صميم اهتمامات المؤرخ ومن حقنا أن نتساءل أما كان الهدف الأول من عمله في الحقيقة عرضاً لتاريخ هيكل أورشليم المدينة المقدسة وللعبادة التي يجب أداؤها فيه

في الأنساب الواردة في أول السفر نرى ان الأنساب الخاصة بيهوذا وبنيامين هي أكثر الأنساب تبسطاً

والحال أنها انساب أسرة داود وأرض أورشليم ان تاريخ خلفاء داود وسليمان مركز على الهيكل وأن أهم الشروح هي التي تخص الملوك الملوك الذين كان شغلهم الشاغل إعادة بناء الهيكل وإصلاح العبادة وهم آسا من سفر اخبار الثاني الفصول 14 الى 16 ويوشافاط من سفر اخبار الثاني الفصول 17 الى 20 وعلى الخصوص حزقيا من سفر اخبار الثاني الفصول 29 الى 32 ويوشيا من سفر اخبار الثاني الفصول 32 الى 35

وما إن يعودون من الجلاء حتى يظهر الاهتمام نفسه في سفر عزرا ونحميا إعادة بناء المذبح على انقاض الهيكل سفر عزرا الفصل الثالث وإعادة بناء الهيكل من سفر عزرا الفصول 4 الى 6 والمدينة المقدسة نحميا الفصول 1 - 4 وإعادة العبادة من سفر نحميا الفصلان 8 ، 9

اعداد الشماس سمير كاكوز

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سفر اخبار الايام الاول 3 : 1 - 24 بنو داود